صوت الصعيد

الجمعة، 18 أكتوبر 2024 11:16 ص
صوت الصعيد
جرأة .. موضوعية.. التزام
  • موتورولا
  • صنع في مصر
رئيس مجلس الإدارةمحمد رفيعرئيس التحريرمحمد عبد اللاه

أهم الأخبار

    مقالات

    دولة الموظفين ودولة المبدعين

    صوت الصعيد

    بقلم: أ.د.غيضان السيد علي:

    ما بين دولة الموظفين ودولة المبدعين فارق كبير؛ دولة الموظفين هي دولة يكون كمالها ومثلها الأعلى تنفيذ التعليمات وتقديس الروتين؛ فيكون واقعها محلك سر، لا تهتم إلا (بتستيف) الأوراق حسب قانون العمل، بغض النظر عما يترتب على ذلك من تعطيل وإضرار بمصالح البلاد والعباد .. روادها من الموظفين لا يسألون ولا يهتمون إلا بكيفية إضاعة وقت العمل وإهداره! يحفظون عن ظهر قلب أيام الأجازات والعطلات الرسمية وغير الرسمية، وكيف يستفيدون من عدد أيام الإجازات العارضة والاعتيادية، ولا يهملون منها يوما واحداً! اهتمامهم الرئيسي وسؤالهم الجوهري لا يكون إلا عن الرواتب ومتى ستأتي؟ وهل هناك زيادة هذا الشهر عن الشهر الماضي أم لا؟ وكم هي الحوافز؟ وهل زادت؟ وكم هي الزيادة ؟ وهل هناك أية خصومات ؟ بعد ذلك، كله لا يهم .. ثم تأتي العلاوات والترقيات بعد ذلك لتشغل العقل والقلب، فتأتي أسئلة وثرثرة تملأ جدران مؤسسات الدولة وطرقاتها وأروقتها من قبيل: ما هو السبيل الأمثل للترقيات السريعة؟ هل هي الوساطة أو علاقات القرابة والنسب أو الهدايا لأولي الأمر؟ أم هي الرشوة؟ أم أن عليه أن يعد نفسه ليكون من المحاسيب والحبايب؟ ولا يفكر ولو لمرة واحدة في التفاني في العمل.

     وفي دولة الموظفين يكون هم الموظف وشاغله الأكبر هو البحث دائماً عن كيفية التحايل على القانون، وكيف يتربح من وظيفته، وما هي قدرته على استغلال النفوذ؟ وما هي السبل في تعيين أبنائه وأقاربه في الوظائف العامة بطرق ملتوية؟ فتكون معضلته النهائية كيف يتم التعيين غير القانوني بلا أخطاء قانونية؟

    وفي الحقيقة دولة الموظفين لا مستقبل لها تسير للخلف وتصعد للهاوية ....يطلق قادتها شعارات بدايات نهضتها، لكنها في الحقيقة مجرد شعارات لا قيمة لها، وتمر السنون ولا تتقدم، ولا تبدأ! وتبدأ بعدها بسنوات طوال دول نامية فتتعداها وتتخطاها ...ثم إذا رأوها قالوا  والحسرة تعلو وجوههم بدأنا قبلها مشوار النهضة! ثم يعودون إلى الماضي للفخر بماضيهم التليد، وكأنهم  يعيشون في الماضي لا حاضر لهم ولا مستقبل.. وليس ذلك بغريب، فدولة الموظفين ليس من ضمن مفرداتها كلمة المستقبل أو دلالاته. 

    أما دولة المبدعين فهي دولة حركية ديناميكية تبحث عما هو جديد، لا تهتم بمواعيد انتهاء العمل المقدسة، تدمن العمل، ثرثرتها تخطيط للمستقبل، تتنافس حول الأفكار الجادة التي تتصف بالطلاقة والأصالة والمرونة، كل فرد يتبارى مع زملائه عن بحثه عن كم الحلول المثلي لمشكلاتهم الحياتية والمستقبلية، وأيها أنسب للمجتمع والواقع المعيش؟ يهتم روادها بكل التفاصيل الكبيرة والصغيرة، كل فرد يعمل ما يحبه وما يجيده.

    الفيصل الأكبر- في رأيي- بين دولة المبدعين ودولة الموظفين هو العمل التطوعي، والمحاولات الدءوبة لمختلف الأشخاص للبحث عن حلول مثلي، وقيادات مرنة تطبق روح القانون بدلا من نص القانون في ضوء المصالح الوطنية.

    ولا يتم ذلك إلا بتحقيق تكافؤ الفرص بين الجميع، وانتهاء الوساطة والمحسوبية، واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، وتكون الترقيات حسب الإبداع والابتكار، وتطبيقات النظريات العلمية الحديثة في الإدارة والبعد عن (الفهلولة) والنظريات المعلبة والقوالب الجامدة. 

    إذن فثمة فارق كبير بين دولة المبدعين ودولة الموظفين .... وأرجو أن نقترب من الأولى ونبتعد تمامًا عن الثانية.

    دولة الموظفين-المبدعين-المحسوبية

    مقالات

    الأعلى قراءة

    آخر موضوعات