صوت الصعيد

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024 09:33 ص
صوت الصعيد
جرأة .. موضوعية.. التزام
  • موتورولا
  • صنع في مصر
رئيس مجلس الإدارةمحمد رفيعرئيس التحريرمحمد عبد اللاه

أهم الأخبار

    مقالات

    الظواهر المألوفة التي حيرتنا جميعًا

    صوت الصعيد

    بقلم : أ.د غيضان السيد علي 
    «الظواهر المألوفة» هي الاسم العلمي لظاهرةٍ غريبةٍ تحدث للكثير منا، ونتوقف عندها ونحاول أن نجد لها تفسيراً عقلياً أو علمياً لكن سرعان ما تذهب جهودنا أدراج الرياح، فنتركها ونمضي إلى حال سبيلنا، بعدما نيأس من تفسيرها.
     وأعني بلفظ «الظواهر المألوفة» هي تلك المواقف التي إذا ما مررنا بها يومًا شعرنا أننا قد سبق لنا المرور بها ومعايشتها من قبل، وأن هذه المواقف تتكرر بحذافيرها

    ومن هنا تنشأ لدينا حيرة كبيرة جدا. فهل بالفعل تُعاد تلك المواقف بحذافيرها؟! أو هل عاش الإنسان حياته من قبل أن يعيشها في الواقع الراهن كما يزعم البعض؟ أم أن هذه تصورات خادعة؟! فما هي حقيقة تلك المواقف أو الظواهر التي لا يوجد شخص لم يمر بها ولم يقف أمامها محتارًا؟  

    وقد وقف أصحاب التفسيرات العلميّة لهذه الظواهر من الفلاسفة والسيكولوجيين موقفين مختلفين؛ حيث ذهب الفلاسفة القدماء إلى أن الروح بعد الموت تغادر الجسد الذي يتحلل ويصير تراباً، ثم تحل في جسد آخر، وهو ما أطلقوا عليه التقمص Metempsychosis  أو التناسخ  palegenesis، وهو أن تنتقل النفس من بدن إلى بدنٍ آخر في رحلتها إلى التطهر من الذنوب التي قد تكون ارتكبتها في حياتها الأولى، حتى تبلغ النهاية ما فيه كمالها من علومها وأخلاقها، وحينئذٍ تبقى مُطهرة عن التعلق بالأبدان. ومن ثم تتذكر النفس أحداثاً مماثلة وأحوالاً وقعت لها من قبل في الأبدان السابقة. ومن أشهر من قالوا بهذا أو بقريب منه من الفلاسفة القدماء: فيثاغورث وإمبادوقليس وأفلاطون وأفلوطين والأورفيون وبعض أصحاب المذاهب الغنوصية.

    والجدير بالذكر أن الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ قال بهذه النظرية في قصته «السماء السابعة»، تلك القصة التي جاءت ضمن مجموعته القصصية الشهيرة «الحب فوق هضبة الهرم» والتي نشرها عام 1979. ودارت كل أحداثها طبقاً لنظرية تناسخ الأرواح!

     أما السيكلوجيون من علماء «الباراسيكولوجي» أو الذي يسمى أحياناً بعلم النفس المجاوز، وهو الفرع الذي يدرس ظواهر «شاذة» أو غير عادية تجاوز علم النفس بمعناه التقليدي الذي لا يعترف بها بوضوح ولا يرفضها صراحة أيضاً. فقد توقفوا كثيراً ولم يحسموا أمرهم تجاه هذه الظاهرة فذهب البعض في تفسيرها على أنها حالة تأخر إدراكي؛ حيث يتم الإحساس بالظاهرة ثم الانتباه إليها، لكن الإدراك يتأخر قليلاً، والإدراك كما هو معلوم هو العملية التي تخلع معنى ودلالة على الأشياء والأحداث. فعندما يتأخر الإدراك العقلي يُهيأ للإنسان أن ذلك الموقف أو المشهد أو غيره من الظواهر قد مرّ به من قبل بكل تفاصيله، ولكنه في الحقيقة غير ذلك تماماً. 

    ولكن لم يحسم أي من الفلاسفة أو السيكولوجيين الموقف لمصلحته بشكل قطعي، وخصوصاً أن موقف الفلاسفة التناسخيين قد رفضه فلاسفة الإسلام جملة وتفصيلاً، كما أنه يعارض ما جاء في الأديان السماوية، ولا سيما المسيحية والإسلام. فالنصوص القاطعة في الكتاب والسنة ضد التناسخ ولم يقل بها أحد من فرق الإسلام سوى بعض الفرق من غلاة بعض المذاهب... لكنه في الأصل موجود في كثير من الفلسفات الغنوصية عند الهنود خصوصاً.

     أما علماء النفس، فلم يقدموا أدلة تحسم موقفهم وبقي الأمر عندهم كما هو في سائر قضايا «الباراسيكولوجي» كـ «التخاطر»؛ أي «توارد الخواطر» بين شخصين يفصل بينهما مئات الأميال أو عشرات القرون، أو «الاستشفاف» الذي يستطيع صاحبه أن يكشف عن أحداث وقعت على مسافة بعيدة أو ليست ماثلة أمام الحواس، وهو غير الاستنباط. أو ما نسمعه عن هؤلاء الذين يمتلكون قدرة على «تحريك الأشياء بتأثير الذهن وحده» أو بسلطة روحية من دون أن تكون لهذه الحركة أسباب مادية ظاهرة. وهكذا نكون قد حاولنا أن نقترب قليلاً من تفسير ظاهرة كثيراً ما نتعرض لها ولا نجد لها تفسيراً يشفي غليلنا .. والغريب في الأمر أن يطلق عليها أهل الاختصاص «الظواهر المألوفة» لتبقى عندنا شاذة غير مفهومة المعنى.

    توارد الخواطر-الاسلام-الاستباط

    مقالات

    الأعلى قراءة

    آخر موضوعات