صرخة من أجل القرى
صوت الصعيدبقلم - أحمد عبد الرؤوف:
صحفي بجريدة الأخبار
ظلت القرية المصرية على مر القرون، وحدة مجتمعية متماسكة وراسخة تشكل ركنا أساسيا في مكونات النسيج المصري بريفه وحواضره.، على قيم نبيلة أهمها العمل والهمّة والإنتاج والاجتهاد والمثابرة والتعب من أجل الحصاد وحب الأرض وعشق الوطن
نشأت هذه التجمعات التي يتجاوز عددها 4500 قرية في ربوع مصر الممتدة.، واختلط عرق الملايين من أبناء القرى رجالا ونساء بكل ذرة من تراب أرضهم التي يعشقونها ويضحون من أجلها بالغالي والنفيس ويموتون دونها إذا لزم الأمر.
أرضنا عرضنا، قيمة تأخذ مكانة متجذرة في قلوب المصريين أبناء الريف لدرجة أن كثيرين منهم ينظرون إلى بيع الأرض على أنه العار بعينه.
لهذه القرى قيمها وعاداتها وتقاليدها، لها لون خاص في أفراحها وأحزانها وفي كل تفاصيل معيشتها. لها أطعمتها ولها خبزها، كما أن لكل قرية لهجة تتمايز بها عن غيرها من جيرانها، وهذا ملمح يعرفه كل من تربى في أحضان ريفنا الجميل.
القرية المصرية ليست مجرد مكان للعيش وإنما مجتمع متكامل خرجت منه قامات مصرية عظيمة في شتى المجالات وشكلوا باجتهادهم ونجاحهم وتميزهم خطوطا محفورة في تاريخ مصر عبر العصور.
هذا المجتمع أصبح مهددا الآن في قيمه، بعدما زحفت عليه عشوائية البناء وضاقت فيه البيوت وتغيرت ملامحها كما تغيرت أصولها وعاداتها، وتغولت ظواهر الاستهلاك والضوضاء والكسل، فأصبح كثيرون ممن يعيشون في القرية فلاحين بالاسم ليس إلا.
هذه الوحدة المجتمعية العظيمة بحاجة للحفاظ عليها كمنبع لقوة بشرية منتجة لا نظير لها تشكل رافدا لا ينضب معينه للحضارة المصرية على مر السنين.
بهذا الدافع أدعو لتخصيص مساحة من الأرض لأبناء كل قرية من قرى الوادي القديم في أي مكان بالظهير الصحراوي كي يعمرها أبناء هذه القرية سويا، وبهذا تكون هناك نقلة منظمة لأجيال الشباب في قرانا القديمة تعطيها فرصا جديدة في براح مصر الكبير للعمل والإنتاج وتعمير الأرض، وتحافظ في الوقت نفسه على مجتمعات الريف كي تبقى تضيف كل يوم إلى رصيد حضارة هذا الشعب العظيم