مأساة الحلاج
صوت الصعيدبقلم- محمود طلبه الفار:
هذه المقالة أهديها للصديقة الشاعرة، فاتن البقرى، فقد كان ما نشرته من ابيات الحلاج هو ما دفعنى لكتابة المقالة،وقد سبق أن كتب الشاعر الراحل الكبير/صلاح عبد الصبور مسرحية بنفس عنوان المقال، وعدت اروع مسرحية شعرية عرفها العالم العربى حيث كانت متعددة الأبعاد ،ونشرت عام1966 وكانت بمثابة صوت خارج السرب فى وقتها..
والحقيقة أن هناك شخصيات فى التاريخ لا تستطيع اذا مرت بذاكرتك ان تعبرها وتمر عليها مرور الكرام،لابد أن تتوقف عندها وينبعث هاجس من داخلك يهمس:هذا مختلف،وعندما تطالع التاريخ تجده زاخرا بأسماء علماء كثيرين ينتسبون الى التصوف ،مثل الجنيد البغدادى وأحمد الرفاعى وعبد القادر الجيلانى وأحمد البدوى وابراهيم الدسوقى وابو الحسن الشاذلى وأبو مدين الغوث ومحيي الدين بن عربى وشمس التبريزى وجلال الدين الرومى والنووى والغزالى والعز بن عبد السلام
وقد اخترت أن احدثكم عن "الحلاج"؛ومعنى الاسم هو اسم علم مذكر واسم اسرة عربية وهو صيغة مبالغة من حلج ومعناه الذى يمشى قليلا ويباعد مابين خطواته،وهو ابو المغيث الحسين بن منصور الحلاج(922م،--309ه,),وهو أيضا فيلسوف،يعده البعض ضمن كبار المتعبدين والزهاد، بينما يحسبه البعض الآخر فى زمرة الملحدين!!!؛واصله من بيضاء فارس
نشأ بوسط العراق ،وانتقل الى البصرة وظهر أمره وعرف سنة،299ه فإتبع بعض الناس طريقته فى التوحيد،وقالوا ٱنه كان يأكل يسيرا ويصلى كثيرا ويصوم الدهر،وأنه كان يظهر مذهب الشيعة للملوك العباسيين ومذهب الصوفية للعامة،
كما قال البعض، انه كان يدعى حلول الالوهية فيه حتى كثرت الوشايات الى الخليفة المقتدر العباسى فأمر بالقبض عليه،وسجن،وعذب،وضرب،وهو صابر، وقطعت أطرافه الأربعة ثم حز رأسه وأحرقت جثته حتى صارت رمادا،وألقيت فى دجلة،ووضع رأسه على جسر بغداد
كل ذلك بعد أن أتهم بالتجديف وإزدراء الأديان،وله ستة وأربعون كتابا غريبة الأسماء منها:طاسين الازل،الجوهر الأكبر،الشجرة النورية،القيامة والقيامات وكيف كان وكيف يكون وغيرها،وأيضا قال الشعر،وله قصائد كثيرة فى اغراض الغزل والعتاب والرومانسية والحزن،ومن اقواله:-
تركت للناس دنياهم ودينهم
شغلا بحبك يا دينى ودنيائي. وقد أعجبتنى قصيدته القصيرة المكونة من سبعة أبيات فقط وهى:--
عجبت منك ومنى
يامنية المتمنى
أدنيتنى منك حتى
ظننت أنك أنى
رغبت فى الوجد حتى
أفنيتنى بك عنى
يا نعمتى فى حياتى
وراحتى بعد دفنى
مالى بغيرك أنس
إذ كنت خوفى وأمنى
يا من رياض معانيه
قد حوت كل فن
وإن تمنيت شيئا
فأنت كل التمنى.