صوت الصعيد

السبت، 5 أكتوبر 2024 01:29 م
صوت الصعيد
جرأة .. موضوعية.. التزام
  • موتورولا
  • صنع في مصر
رئيس مجلس الإدارةمحمد رفيعرئيس التحريرمحمد عبد اللاه

أهم الأخبار

    مقالات

    الحسد في الثقافة الشعبية

    صوت الصعيد

    بقلم: د. غيضان السيد علي
    يبدو الحسد في الثقافة الشعبية موضوعًا مثيرًا للغاية؛ اذ تجد الكل فيه سواء من الأمّي الذي لا يقرأ ولا يكتب حتى أستاذ الجامعة؛ حيث يصل الخوف منه عند البعض من مختلف الثقافات إلى حالة الفوبيا، وتُرتَكب حماقات لا حصر لها بحجة الخوف من الحسد؛ كتلك الأم التي تسمى وحيدها "خيشة" أو " غراب" أو"جعران" أو حتى "واكل ناسه"

     ويظل الابن يشقى بهذا الاسم طيلة عمره ليس لشيء سوى أن أمه كانت تخاف عليه من الحسد ...أو أن يتفادى عالم كبير التحدث عن مؤلفاته ومنجزاته الكثيرة خوفًا من الحسد ، فيجهلها الناس وتضيع فائدة الانتفاع بها. 

     والشيء اللافت للنظر أن ردود الجميع وتعاملهم تجاه الحسد بمفهومه الشعبي تتم بطريقة واحدة ، مستلهمة كلها من معين ثقافي واحد هو المعين التراثي الموغل في التاريخ، والذي يعود إلى موروثات العصر الفاطمي، والأغرب أنه يتساوى فيه العالم والجاهل، المتدين وغير المتدين، وكل منهما يدافع عن وجهة نظر واحدة تؤمن بالحسد، وكل منهما يقدم مبرراته الأول من الدين قرآن وسنة، والثاني من مواقف حياتية لا تقبل الشك، وعليها عشرات الشاهدين. 

    بقي أن نطرح الموضوع برمته على العقل الذي يرفض الحسد بالمعنى الشعبي، فالعقل يرفض خروج شعاع من العين يصيب المحسود وإلا كان ذلك سلاحًا لا يمكن اغفاله في الحروب المقدسة وما كان أكثر جيوش الأعداء قوة وعتادًا حتى تكون مستحقة للحسد.

    ولذلك نقول إنه لا يمكن أن يقبل بهذا المعنى التراثي الشعبي للحسد عاقل وإلا يقبل معه كافة ما يترتب على ذلك من نتائج، وهي أن نتوقف عن تسليح الجيوش ونستخدم بدلًا من ذلك مجموعة من الحاسدين لهدم مفاعلات اسرائيل النووية وأبراج أمريكا ومنجزات اليابان والصين الحضارية ومصانع ألمانيا!! وألا نستقدم مدربين أجانب لفريقنا الوطني لكرة القدم يتقاضى ألاف الدولارات ونكتفي بمجموعة من الحاسدين المهرة في فنهم الذين ينظرون فقط الى الفريق الخصم فيصاب بالحسد فيفوز منتخبنا!!

     وإذا وقفنا مع الآية القرآنية "ومن شر حاسدٍ إذا حسد".فإننا نجد أن الله تعالى لم يقل "ومن شر حاسد " وتوقف، ولكن قال "اذا حسد" ...والحسد في اللغة هو تمني زوال نعمة الغير ...فإذا حسد هذا الحاسد وتمنى زوال نعمة الغير ...أي أنه ينتقل من صفة السكون من كونه حاسد الى صفة الحركة وهي الحسد؛ ليصبح المعنى من شر حاسد إذا حسد؛ أي إذا كاد وتآمر ودبر المكائد والمؤامرات ، وإلا لاكتفى الله تعالى بقوله "ومن شر حاسد" فقط. 

    أما حكاية الحسد بمجرد النظرة والتي يمكن تفاديها بالتخميس(خمسة وخميسة) أو وضع خرزة زرقاء أو إمساك الخشب أو ..أو....فهذا في اعتقادي محض خرافات شعبية لا أصل لها إلا في الخيال الشعبي، ولذلك فعلينا أن نعيد النظر في موضوع الحسد برمته ولكن من منظور عقلاني.

     

    الحسد-العصر الفاطمي-الثقافة الشعبية

    مقالات

    الأعلى قراءة

    آخر موضوعات