صوت الصعيد

الخميس، 21 نوفمبر 2024 10:21 ص
صوت الصعيد
جرأة .. موضوعية.. التزام
  • موتورولا
  • صنع في مصر
رئيس مجلس الإدارةمحمد رفيعرئيس التحريرمحمد عبد اللاه

أهم الأخبار

    مقالات

    إشارة إلى الصوفية فى أدب نجيب محفوظ (2).

    صوت الصعيد

    بقلم- محمود طلبه الفار:

    أصدقائي الأعزاء:  لا يفوتنى فى البداية أن انوه عن أن ما أكتبه هنا هو محصلة قراءات قليلة أتيحت لى كتبها أصدقاء ونقاد عظام فلهم تحياتى وتقديرى  فبفضلهم كانت هذه السطور وبعلمهم أهتديت ولولاهم لما كانت هذه السطور المتواضعة التى أضعها بين يديكم

    وبهذه المناسبة يحضرنى رأى للعظيمة/أم كلثوم فى التصوف والحب قالته فى حوار لها مع المفكر الكبير/أحمد بهجت ذات مرة حيث قالت:"إن فى كل حب قدر من التصوف والتوحيد،  كما أن الصوفية هى الحب بمعناه النهائي الكامل ولا أعتقد ان هناك ما هو أعظم من الحب الإلهى".

    وبهذا أضافت سيدة الغناء تعريفا جديدا دقيقا وصائبا للصوفية يقترب من معناها الوارد فى ابداعات أديبنا الكبير وفى غيرها،وقد ترك محفوظ اوراقا سجل فيها رؤيته للتصوف بمفهومه ودرجاته،وقد ترك هذه الاوراق لإبنته،وهى تفسر لنا لماذا تمتلئ أعماله بالمتصوفة والمجاذيب والدراويش كما تمتلئ بالفلاسفة الفاشلين،وكان قد كتب أيضا فى اوراقه الخاصة"ليس التصوف كثقافة أن تقرأ التصوف ولكن ان تقرأ كل شيئ بروح المتصوف"؛

    بل إنه قسم درجات التصوف فى اوراقه الخاصة إلى التوبة والمجاهدة والعزلة والتقوى والورع والزهد والصمت،وكان يرى كما كتب أن التصوف هو أن يكون "الله" شغلك الشاغل ومحبوبك الدائم فأنت تحصل الحقيقة والمعرفة لتعرف جانب الحق من ذاته،وأنت تحصل الرحمة والمحبة لتعرف جانب الخير عن ذاته،وأنت تحصل الطبيعة والفن لتعرف جانب الجمال فى ذاته،وربما كانت الصوفية هى الملاذ من فشل الفلسفة كبطله"كمال عبد الجواد" الذى رأى أن الفلسفات" هى قصور جميلة هائلة لكنها لا تصلح للسكنى أبدا،"

    وقد تأثر أديبنا فى رحلته بالكثير من الفلاسفة وأحبهم مثل "ديكارت" و"كانت" و"وشوبنهور" و"سارتر وألبير كامو"؛وكان كثيرا ما يقف فى مقام القلق والحيرة موقف المثقف الحائر المعذب بوعيه،وعبر عن ذلك فنيا فى ابداعاته،

    كما كانت شخصية"كمال عبد الجواد" الذى تنقل مابين الفلاسفة والافكار بين أبى العلاء والخيام اى بين التقشف واللذة،وإن كانت رؤية الوجود لدى الفلاسفة الخمسة الذين أحبهم محفوظ تتفاوت ولم يجمع بينهم إلا القلق الوجودى وبقى معه شك ديكارت،والواجب الأخلاقى لدى كانت،والمعاناة التى يمكن الهروب منها بالتأمل الجمالى مثلما يرى شوبنهاور ورؤية سارتر وكامو للوجود حيث عبث الحياة والعدم واللامعقول واللامبالاة والرفض والتمرد واليأس والإغتراب وهى الرؤي التى غلبت بقوة فى أعمال محفوظ

    كما ترك محفوظ سجلا يحوى تأملاته فى معنى التصوف انه لا عزلة ولا رهبنة لكنها الحياة وأن تخوض غمارها حاملا "الله "فى قلبك،وقد ظهر التائه فى منتصف"اصداء السيرة الذاتية" وظهر فى الحارة باحثا عن طفولته المفقودة وقد أفصح لمريديه عن فلسفة الصوفية بقوله:"أسكت أنين الشكوى من الدنيا،لا تبحث عن حكمة وراء المحير من افعالها،وفر قواك لما ينفع،وأرض بما قسم،وإذا راودك خاطر إكتئاب فعالجه بالحب والنغم"؛لذا بدا عبد ربه متصوفا ولكنه التصوف على طريقة نجيب محفوظ حيث الحب الشديد للحياة ويظهر ذلك جليا فى إستعانته باشعار الشيرازى فى ملحمته الحرافيش،وكان يعتبره شاعره الأقرب،كما كان الخيام احد شاعرين اسهما فى صناعة عواصف الشك

    لدى"كمال عبد الجواد" وكان الشاعر الأول هو"المعرى" بعد فشل قصة حبه  من عايدة شداد،وقد دام تأثير الخيام على نجيب محفوظ أكثر من المعرى فظهر فى الكثير من رواياته ومنها"ثرثرة فوق النيل" حيث يقول"انيس ذكى" فى إحدى لحظات التجلى:اذا فقدت أنات عمر الخيام حرارتها فقل على الدنيا السلام"؛

    كما كان يرى فى الكتابة حياة وليست مهنة والمبدع او الأديب كأنه الشحاذ يرفع يديه للسماء ويقول: يارب ؛إنتظارا لفكرة يكتبها،كما كان يرى ايضا فى فعل الكتابة ذاتها أنه نوع من الجذب الصوفى والمبدع درويش مجذوب من أهل البصيرة النافذة او هو ولى من اصحاب الكرامات ومن أهل الخطوة ويرى من خلف الحجب ما لا يراه الآخرون

    ومن هنا يجب أن ينال المبدع حظوة الأولياء فلا يناله بسببها عقاب ولا أذى ،وكما استخدم محفوظ تيمة المجذوب كقناع له فى أعماله المتأخرة والمتقدمة مثل الشيخ/متولى عبد الصمد فى الثلاثية ؛والشيخ/درويش فى زقاق المدق حيث كانوا يمثلون فى رؤيته النقيض لعالم الفتوات و حيث المعرفة فى مواجهة القوة،كما اطلق البعض على"حضرة المحترم" ما يسمى:التموضع الصوفى للوجودية

    وقد انتقل محفوظ بأبطاله ممن كان يعتريهم الشك فى الجانب العقيدى الى ابطال استقر الايمان فى قلوبهم وفى وجدانهم وبهذا تشكلت الرؤية المحفوظية الصوفية التى إتضحت فى الحرافيش والأصداء،وما هذه الحروف الا اشارة عابرة لهذا الملمح الذى يستحق المزيد من الدراسة العميقة والفهم المستوعب والتعبير الادق،وأرجو أن يكون ذلك هو ما أستطيع أن افعله مستقبلا بإذن الله،ودمتم لى......

    نجيب محفوظ -السيرة الذاتية-الصوفية-السكرية

    مقالات

    الأعلى قراءة

    آخر موضوعات