أًجٌبر ..تجبر
بقلم - د.محمود العبد حسن :
نحن فى عالم جاف من المشاعر الحقيقية،ملئ بالأنانيات،وبزوغ نجم الذاتية،وفلول القيم الجماعية أمام غول الفردانية والأنهماك فى الشهوات وتنوع وتعدد الملذات والاختيارت مما جعل الانسان فقيرا،محتارا،ضعيفا،ضائعا،نزعت من السكينه والطمأنينة.
مجتمعنا وزماننا ملئ بنفوس مكسورة ،وأجسام مرهقة، وقلوب مفطورة؛تأتى فضيلة جبر الخواطر كسلوك عظيم لجبر كسور الروح قبل الاجساد،تطيب خواطر الضعفاء،والفقراء،والمساكين،لزرع الأمل فيهم او تخفيف الألم عنهم.
يقول الأمام سفيان الثورى:"ما رأيت عبادة أجل وأعظم من جبر الخواطر"،ويقول الشاعر :
جبر الخواطر ذلك دأب أولى النهى
ونرى الجهول بكسرها
لسانك بلسما فيه الشفا
لا مشرطا يدمى القلوب
أجمع اللغويون على أن الخاطر هو القلب وعدم كسره خلق عظيم.، الجبار اسم من اسماء الله عزوجل فهو جبار متصف بكثرة جبره حوائج خلقه.
قصص جبر الخواطر الربانية مملوءة فى تاريخنا،من أعظمها جبر الله لأنبيائه وأوليائه وأهل طاعته؛فها هو يجبر فؤاد ام موسى ويرده اليها؛ويجبر خاطر يعقوب فيرد بصره وأبنه؛وجابر قلب نبينا صلى الله عليه وسلم،سواء فى تولية قبلته،أو رده الى مكة بلده الحبيب،وكذلك وعده الأ يسوئه فى امته.
يأمرنا الله بجبر الخواطر ويلزمنا بها فيقول فى كتابه:"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فأرزقوهم منه وقولوا لهم معروفا"؛فيقول ابن كثير فى تفسيره لتلك الآية:إذا حضر الفقراء من القرابه الذين لا يرثون واليتامى والمساكين،قسمه مال جزيل،فأمر الله تعالى أن يعطوا شئ من القسمه برا بهم وجبرا لكسرهم.
سيرة نبينا الكريم تعج بقصص جبره للأطفال واصحاب الحاجات والفقراء والمساكين واصحاب الابتلاء والمحن،لم يتخلف يوما عن مواساة مكسور او زرع ابتسامه فى قلب مكروب او رفع همه وتحفيز ضعيف.
والجبر موجود فى لطيف معانى القرأن الكريم مع النساء كما فى سورة الشورى:"لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء ذكورا"،فيقول الأمام ابن القيم:"تأمل كيف نكر الله الإناث فقال (إناثا) وعرف الذكورة فجبر نقص الأنوثه بالتقديم وجبر نقص التأخير للذكور بالتعريف.
ومن باب جبر الخواطر جاءت تشريعات كثيرة ومنها دية القاتل تدفع لاهل المقتول جبرا لهم،وجعل المتعه جبرا لخواطر المطلقات وتطيب لقلوبهم واستبقاء للمودة.
تطيب الخواطر من مكارم الأخلاق،وهى صفه من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين،تطيب خواطر أهل الابتلاء من أعظم أسباب الألفه والمحبة بين الناس،تطييب النفوس المنكسرة عبادة جليلة،وقد عده بعض العلماء فى أبواب الأعتقاد.
جبر الخواطر عبادة الاسلام سابق اليها،أمر الله تعالى بها نبيه:"فأما اليتيم فلاتقهر،وأما السائل فلا تنهر".وجعل الله جبر الخواطر(قول معروف) مقدم على الأفعال المصحوبة بالمن أو الأذى.
جبر الخواطر عبادة يسيرة عسيرة،يسيرة فى منحها؛عسيرة فى من يقدر على أدئها،فجبر الخواطر رسائل أنسانية لا يقدر عليها الأ الانقياء،والنبلاء،واصحاب القلوب الرحيمة،وذوى النيات الصادقه.
"لا أنساها أبدا" ذلك شعور كل من ٌجبر كسره، قالتها ست "عائشة"وسيدنا "كعب بن مالك" لمن جبرهم فى لحظات الأنكسار،فنصيحتى لك إن لم تكن للخواطر جابرا فلا تكن للقلوب كاسرا.
فى تركيا عادة أن يقوم الأغنياء والأثرياء بإقامة موائد للرحمن فى رمضان يدعون اليها الفقراء والمساكين وفى اخر المائدة يقومون بتوزيع الهدايا لهم فيما يعرف بأجرة الأنسان لأنهم لبوا دعوته وأكسبوه الثواب.
صور جبر الخواطر كثيرة ومتعددة من ابسطها مشاركة اهلك الفقراء افراحك وطعامك؛زيارة من لا يزار لفقره،الشراء من بائع فقير بنية الصدقه،إزالة دمعه بائس،مسح على قلوب مكسورة،تفريج صدر مهموم.
تفقد جيرانك واقاربك وصلة ارحامك واجبرهم بكلمة ؛بصدق مشاعر؛بوقت؛بنقود،بسعى لقضاء حاجه،وتذكر دوما الجزاء من جنس العمل،فلذلك اقول لك ولنفسى مذكرا وناصحا: أٌجبر ....تٌجبر.
