صوت الصعيد

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024 09:30 ص
صوت الصعيد
جرأة .. موضوعية.. التزام
  • موتورولا
  • صنع في مصر
رئيس مجلس الإدارةمحمد رفيعرئيس التحريرمحمد عبد اللاه

أهم الأخبار

    مقالات

    تجزؤ المبادئ ..ضرورة أخلاقية

    صوت الصعيد

    تجزؤ المبادئ ضرورة أخلاقية

    بقلم- أ.دغيضان السيد علي:

    كثيرٌ من الأحيان ما نسمع عبارة "المبادئ لا تتجزأ" وكأنها مبدأً أخلاقياً مقدساً لا يمكن الخروج عليه .. بل يتخذ منها الكثير من العامة وبعض المثقفين والمتعالمين – أحياناً- قاعدة يمكن حسم العديد من القضايا عن طريقها. وفي واقع الأمر تبدو هذه العبارة في شكلها العام مسلمة أخلاقية لا يجوز مناقشتها أو فحصها أو تمحيصها لأنها لا تقبل إلا التسليم بصحتها، رغم أنها عبارة مغلوطة لا تحمل حتى قدراً محدوداً من الصواب يعطيها كل هذه القوة المظهرية.

    وحتى يمكننا البرهنة الفعلية على تهافت المعنى الظاهر والباطن لهذه العبارة علينا أولاً أن نُعرَّف ماذا يعني لفظ مبدأ؟ وما هي المبادئ الأخلاقية؟

     تدلنا المعاجم اللغوية المختلفة على أن مبدأ الشيء هو أوله ومادته التي يتكون منها، والمبدأ كل ما يصدر عنه شيء بنحو من الأنحاء وهو في ذاته أمر بديهي لا يقبل البرهان بخلاف المسائل التي تخص هذا الموضوع فإنها تثبت بالبرهان؛ وعلى ذلك تكون المبادئ الأخلاقية هي القواعد الأساسية التي تقوم عليها الأخلاق وما يخالفها يُعد مبدأ لا أخلاقي.

    وهنا نتساءل هل المبادئ الأخلاقية ثابتة في كل الأزمنة وفي كل الأحوال؟ وهل المبادئ تقبل التجزئة؟ بمعنى هل من الممكن أن يكون المبدأ ونقيضه توجهاً أخلاقياً في الآن نفسه أم لا؟ وهل المبدأ وضع من أجل الإنسان أم الإنسان هو الذي خُلق لأجل المبدأ؟  

    وفي الإجابة على هذه الأسئلة تكمن البرهنة على صحة قضيتنا الأساسية وهي أن المبادئ لابد أن تتجزأ، بل يبقى تجزأ المبادئ هو بمثابة المبدأ الأخلاقي ألأصيل والرئيسي.

     فالمبادئ الأخلاقية ليست ثابتة في كل الأحوال والأزمان والأماكن؛ فما نعتبره فعلاً مُشيناً في المجتمعات العربية والإسلامية ربما يكون فعلا فاضلاً في المجتمعات الأوربية والعكس صحيح، بل إن الفعل نفسه في الزمان والمكان نفسه من الممكن أن يكون أخلاقيا ولا أخلاقيا في الوقت ذاته، ودعنا نسرد بعض الأمثلة التوضيحية على ذلك:

     فالصدق مبدأ أخلاقي لا غبار عليه، لكنه من الممكن أن يكون مبدأً لا أخلاقياً إذا تمسك به الأسير عندما يقع في يد الأعداء... وهنا يكون الكذب في هذه الحالة هو المبدأ الأخلاقي لا الصدق. والأمر كذلك في الصلح بين المتخاصمين، وكذلك الحال مع الطبيب الذي قد يضطر إلى الكذب على المريض ويخفي عنه حقيقة مرضه الخطير، التي لو عرفها لازدادت مضاعفات المرض، وقد تؤدي به إلى الموت أو الانتحار عند البعض ...الخ. ليصبح نقيض الصدق هنا وهو الكذب هو المبدأ الأخلاقي الرفيع.

    ومثال آخر يعضد وجهة نظرنا فــ "رد الأمانة " مبدأ أخلاقي لا غبار عليه، ولكن ماذا لو أودع صديق ما عندك "مسدساً " ثم قام شجار وعراك بينه وبين أخيه جعله يُقدم عليك ليطلب أمانته التي أودعها أمانة عندك ليقتل به أخيه، فعدم رد الأمانة هنا يصبح واجباً أخلاقياً أسمى.

    إذن فتجزؤ المبادئ لا ثبوتها هو الأولى بالتمسك به فتصبح عبارة "المبادئ لا تتجزأ" عبارة متهافتة لا معنى لها، ولا يقولها إلا المتشدقين والمتفيهقين الذين لا يدرون معنى وحقيقة ما يرددونه بلا فهم ولا إدراك.. فالمبادئ جميعها وضعت من أجل الإنسان ومن أجل تحقيق سعادته وحريته، لا الإنسان هو الذي خُلق لأجل أن يحافظ على المبادئ التي دائماً ما تتغير من زمان إلى آخر وتختلف من مكان إلى غيره ومن مجتمعٍ إلى مجتمع.

    المجتمعات العربية-المباديء-مبدأ أخلاقي

    مقالات

    الأعلى قراءة

    آخر موضوعات