الأقباط يحتفلون بـ ”سبت النور” .. تعرف على مظاهر وطقوس الاحتفال


يحتفل اليوم الأقباط في مصر والعالم بـ "سبت النور" أو سبت الفرح وهو السبت الذي يسبق يوم أحد القيامة المجيد ويسمي بهذا الاسم نسبة للنور الذي شع عند قيامة السيد المسيح.
ويجتمع الأقباط في الكنيسة من منتصف الليل إلي الصباح الباكر. ويردد الشمامسة ألحانا كنسية بين الحزن والفرحً. ولأن السيد في القبر تتم الصلوات بنغمة حزن. وعلي رجاء القيامة تتم بنغمة الفرح. وقراءة سفر الرؤيا. الذي سجل فيه القديس يوحنا الحبيب ما رآه في السماء من جمال روحي يفوق الوصف.
وعند نهاية قراءة المئة والخمسين مزمورا ويرتدي الكهنة ملابس الخدمة وتوقد الشموع ويرتلون هلليلويا. ويتجه الكاهن نحو الشرق ويقرأ المزمور المائة والواحد والخمسين قبطيا ثم يفسر عربيا وعند نهاية تفسير المزمور يرتل الكهنة والشمامسة بالناقوس وهم طائفون الكنيسة.. يتم الاحتفال به في حوالي الـ11 مساءً من ليلة "سبت النور". وحتي الساعات الأولي من صباح السبت.
ماذا يعني "سبت النور"؟
"سبت النور" أو السبت المقدس أو باللاتينية sabbatum sanctum. ويعرف أيضاً بسبت الفرح. هو اليوم الذي يأتي بعد الجمعة العظيمة وقبل أحد القيامة أو عيد الفصح.
يتم الاحتفال بالفصح مساء سبت النور وحتي الساعات الأولي من صباح الاحد. ويبدأ الاحتفال بعيد القيامة بصلاة العيد عصر السبت. ثم يُحتفل بقداس عيد القيامة منتصف الليل وتُختتم مع الساعات الأولي من يوم أحد القيامة.
وسبت النور أيضاً. هو كلمة اصطلاحية أخذت أبعادها من شعلة مقدّسة تنطلق من كنيسة القيامة في القدس. وهو المكان الذي وضع فيه جسد السيد المسيح لثلاثة أيام قبل القيامة. حيث "يفيض النور في القبر".
طقوس الكنيسة.. في ليلة سبت الفرح
ليلة أبو غلمسيس ليلة يوم سبت النور بعد يوم الجمعة العظيمة التي تحتفل فيها الكنيسة بقيامة السيد المسيح من الاموات وانبعث النور المقدس من القبر استعداداً بقيامة السيد المسيح.. تبدأ الصلاة من التاسعة مساءً حتي السابعة والنصف صباحًا عند انتهاء القداس الإلهي.
سهرة أبو غلمسيس هي سهرة ترتفع فيها النفس وتحلق في السماويات التي ذهب إليها السيد المسيح وحرر النفوس التي كانت في الجحيم. ولذلك يقرأ فيها سفر الرؤيا. وأول كلمة في سفر الرؤيا هي إعلان يسوع المسيح وكلمة إعلان باليونانية هي أبو كالبسيس ومن هنا سميت باللغة الدارجة أبو غلمسيس.
وتقدم الكنسية في هذه الليلة تسابيح الفرح والشكر للمخلص علي فدائه العظيم.. وتركز القراءات علي مفاهيم: الخلاص الذي أكمله المسيح علي الصليب. والله الحي الذي لا يموت. والفرح العظيم الذي شمل الأبرار الذين كانوا في الجحيم ينتظرون الفادي.
ويمتزج في القراءات نغمة الحزن مع الفرح فهي ليلة واقعة بين الجمعة العظيمة "قمة الأحزان" وبين عيد القيامة "قمة الأفراح" بالإضافة إلي أن المسيح ما زال في القبر لكن حدث صلح بالصليب. فقد رفع المسيح خطايا العالم لكن القيامة لم تتم بعد.
وتصلي الكنيسة أوشية الراقدين في أي قداس تصليه يوم سبت عبر السنة في صلاة باكر عوضًا عن أوشية المرضي. لأن يوم السبت قضاه المسيح في القبر وروحه مع الراقدين الذين أخذ نفوسهم من الجحيم وذهب معهم للفردوس.
ووفقا للعقيدة المسيحية يوم الجمعة: هو اليوم السادس. يوم سقوط الإنسان ويوم الصليب.. أما يوم السبت: هو اليوم السابع. يوم الراحة من يموت الآن يذهب للراحة.. ويوم الأحد: هو اليوم الثامن "بداية أسبوع جديد" هو يوم القيامة وبدء حياة الأبدية في المجد.
معجزة سنوية بكنيسة القيامة
في صباح يوم "سبت النور" وقبل مراسم خروج النور المقدس من قبر السيد المسيح. يتم فحص قبر السيد المسيح في كنيسة القيامة في القدس. وبعد التأكد من خلو القبر من أي مادة مشتعلة. يتم وضع ختم علي بابه.
يتعرض أيضا البطريرك "الارثوذكس" للتفتيش أمام الجميع ويدخل القبر بالجلباب الأبيض ولا يحمل شيئاً.
تتكون مراسم النور المقدّس من ثلاث مراحل: الصلاة. دخول الأسقف في القبر المقدس. صلاة البطريرك طالباً أن يخرج النور المقدس.
تُضرب الأجراس بحزن. حتي يدخل البطريرك ويجلس علي الكرسي البابوي. ويتجمع المؤمنون من الطوائف المسيحية كافة. يدخل البطريرك إلي القبر وهو يحمل شمعة مطفأة مكونة من 33 شمعة في حزمة واحدة تمثل عمر السيد المسيح.
ويغلف المكان سكون وصمت شديد لأن الجميع يترقب خروج النور.. بعد صلاة البطريرك يسمع الحاضرون صوت صفير ويخرج برق أزرق وأبيض من الضوء المقدّس يخترق من كل المكان. كما لو أن ملايين الومضات الفوتوغرافية تعانق الحاضرين وتنعكس علي الحيطان وتضيء كلّ الشموع من هذا النور. في القبر المقدس يخرج النور ويضيء الشمعة التي يحملها البطريرك ويبدأ الحاضرون في الهتافات والصلاة.
الكحل أهم العادات
ارتبطت ليلة سبت النور بعادة مصرية قديمة. وهي عادة تزيين العين بـ"الكحل". فهي عادة لا تقتصر علي المسيحيين فقط. فقد استخدمه أجدادنا بخلطه مع البصل. اعتقادًا منهم أن هذه العادة تساعد علي توسيع العين وتجميلها.
قيل إن هذا الطقس مأخوذ من الإنجيل في قوله "وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَي تُبْصِرَ". "رؤ 18:3" واستخدم الكحل حتي تري العيون النور المقدس. والذي توارثته الأجيال. حيث كان في القديم يتم تكحيل العيون لحمايتها من شدة النور. الذي يخرج من قبر السيد المسيح من كنيسة القيامة في القدس الفلسطينية. بينما يرجع البعض الآخر تلك العادة لما كان يقوم به المقدسيون في أورشليم من تكحيل العيون؛ لحمايتها من فج نور قبر السيد المسيح. وانتشر في القرن التاسع عشر.